الأربعاء، 28 سبتمبر 2011

نقد الاستاذ الشاعر سامي ادريس حول: هي حين تقرأ

معالي !! حين تكتب للمعالي
معالي رائف حين تكتب ، تصل الى معالي الروح والوجدان، وتثمل القارئ، فتتركه مترنحاً على أرجوحة القمر، وأرجوحة القمر هذه كانت تتأرجح منذ عام 1938  حين أصدر الشاعر صلاح لبكي  مجموعته الشعرية الذائعة "أرجوحة القمر" ، وقد كنا تعلمنا قصيدة جميلة عن تناثر أوراق الخريف التي يقول فيها ميخائيل نعيمة :

يا مرقص الشمسِ
ويا أرجوحةَ القمرْ

لكن ذلك لا يعني أن الشاعرة تقتطف من التعابير الجميلة وتزج بها في نسق قصائدها. لا ، فإن معالي توظف هذه التعابير توظيفاً جديداً عذباً وساحراً، وقد يكون لا منطقياً، ولكن من قال إن المنطق والشعر صنوان، إنهما بحران بينهما برزخ لا يبغيان.  فالشعر يسبح في بحر الخيال، وينبع من القلب، وحكايتة الصورة، حكاية أعمق ما في الإنسان، وأقدس ما فيه صلاة ترتفع من أعمق أعماقه. والحالة الشعرية، هي الحالة التي تتعطّل معها، القوى  المبرهنة، المستنتجة، المختبرة، حالة انعتاق النفس والاستسلام للأحلام والتأمل في الصور التي يبتدعها الخيال.

 إنها تغني بسحر ولوعة، وتسهر حانية على قصائدها ، وتستسلم لأحلامها. فلا يمكننا مناقشة القصيدة منطقياً، فالشاعرة تصور ميلاد القصيدة ، وعملية الإبداع، حيث " تغادر الى مقهى كلماتها... تستحضر الندى والطرب والقمر " " لتستعيد طقوس القصيدة.
ذلك لعمري هو أعذب الشعر، فالجمع بين هذه الثلاثة أعني الندى والطرب والقمر  هو في حد ذاته فتح رومانسي عظيم، فكيف يكون "استحضار" هذه  الثلاثة لاستعادة طقوس القصيدة. إن هذا لا يكون إلا  في الشعر.

ويأتي التوظيف الجديد للتعبير الشعري في قولها:


هيَ!! حينَ تَكتب
في كلِ لَيلةٍ
تَتركُ أنهاراً منَ الحُب
على أرجوحةِ القَمر
لِيغتَسلَ بها الفَجر
وَتُشرقُ شمسَ الحَنين
مُعلنةً إيقاعَ الأمل
رافِضةً
إحتضانِ الوَجع
في صَدرِ النَهار!!
وقد كان بإمكانها القول المستهلك:

تترك أنهاراً من "الدمع"
لِيغتَسلَ بها الفَجر

ولكنها اختارت الدائرة المجازية الأوسع ، والصورة التمثيلية الرائعة .
فهل رأيتم فجراً يغتسل، بأنهار من الحب... نعم رأينا مثل ذلك عند جبران خليل جبران في قصيدته الخالدة : اعطني الناي وغنِ

هل تحممت بعطر وتنشفت بنور
وشربتَ الفجر خمراً فى كؤوسٍ من أثير
هل جلست العصر مثلي بين جفنات العنب
والعناقيد تدلت كثريات الذهب
هل فرشت العشب ليلاً وتلحفت الفضاء
زاهداً في ما سيأتي ناسياً ما قد مضى



وقولها:

" وَحينما تُسافر
تُخَبئ الفَوضى بِجيوبِ الأرض
تَمحو كل غَريب
تَعتزلُ ما كان
وَتُغادرُ
إلى مَقهى كَلماتها
أسيرة في حضرةِ الصَمت"

إن الحركة التي في القصيدة ، حينما تسافر، والشاعر في سفر دائم ، في ترحال مستمر ، وتغادر .... وحينما تصل الى مقهى الكلمات تقف أسيرة في حضرة الصمت . الصمت هذا البحر الشاسع من الكلام المباح وغير المباح. وكلمة تقف تعلن انعدام الحركة،  الصمت .

لقد كان استعمال الفعل المضارع في القصيدة موفقاً:
تكتب، تترك، يغتسل، تشرق، تخبئ، تمحو، تغادر، تستحضر ، تحط، ترفرف. كلها في مخاض ميلاد القصيدة.
وكان استعمالها للفعلين : تحطُّ ، وترفرف إيذاناً بنهاية القصيدة، من عالم الطير حين يحط على الأرض بعد سفر طويل ليلتقط  أنفاسه.
ثم تأتي خاتمة القصيدة الشينية بشكل موفق مفعم بالعذوبة والرقة بترادف حرف الشين المهموس في قولها: 

وَيرتشفُ الشَوقُ ذلكَ الشَغف
المُنسدلِ من أطرافِ القَصيدة!!
وفي قصيدة أخرى تقول :
عانقت الغروب وقالت:
كن صديقيي
وضعت رأسها على صدر القمر
هذا الشعر يشهد أن معالي تغترفُ من بحر ولا تنحتُ في صخر، وتحلق في سماء الكلمات على طائر خرافي سرمدي الروح، أبدي العطاء.
ولا أحب الإطالة على القراء ، فالبقية تاتي، والصبح قريب.



ولكن لتسمح لي الشاعرة أن أهمس بالنصيحة إذ عليها الاهتمام بقواعد اللغة، مع أن ذلك لا يضير القصيدة شيئاً ، فلماذا هذه الكسرة التي تكسرت الغيورين على الضاد في كلمة " المنسدل" وفي كلمة احتضان في قولك:

رافِضةً
إحتضانِ الوَجع

وأحب أن أقول للقراء أنني أشهد ميلاد شاعرة تحمل القمر بين أصابعها، والآن أصبح الأمر أن تحثي السير الى الامام بقصائد تكون بنفس المستوى أو أعلى، لا تتعجلي الشهرة، واتركي لروحك العنان لتحلق في سماء الشعر.
وتقبلي تحياتي
أخوك سامي ادريس


الأحد، 25 سبتمبر 2011

هيَ!! حينَ تَكتب

في كلِ لَيلةٍ
تَتركُ أنهاراً منَ الحُب
على أرجوحةِ القَمر
لِيغتَسلَ بها الفَجر
وَتُشرقُ شمسَ الحَنين
مُعلنةً إيقاعَ الأمل
رافِضةً
إحتضانِ الوَجع
في صَدرِ النَهار!!
وَحينما تُسافر
تُخَبئ الفَوضى بِجيوبِ الأرض
تَمحو كل غَريب
تَعتزلُ ما كان
وَتُغادرُ
إلى مَقهى كَلماتها
أسيرة في حضرةِ الصَمت
تستحضرُ
النَدى
والطَرب
والقَمر
لِتَستعيدَ طُقوس القَصيدة
وتَخطُ على جَبينِ السَماء
حروفٌ وكلمات
تُرفرفُ بِتألقها بَعيداً
حيثُ لا مكانَ
للظلامِ
للوحدةِ
للذكريات
وحينَ تضع اخرَ شامة
على خدِ صَفحتها
تَتساقطُ حَبات الرِقة
على أثيرِ الأرض
فَيرتدي الوردُ حلتهُ
وَيرتشفُ الشَوقُ ذلكَ الشَغف
المُنسدلِ من أطرافِ القَصيدة!!

الخميس، 15 سبتمبر 2011

مقال حول رأي الأستاذ الشاعر سامي إدريس بقصيدتي هَل عندك شك

قراءة في : أعذب قصائد معالي رائف ” هَل عندكَ شك ”   بقلم: سامي إدريس- الطيبة
إنها قصيدة عذبة وساحرة ، تأتيك حلاوتها وطلاوتها من فيض التعابير المجازية البلاغية التي أتقنت الشاعرة استخدامها وتوظيفها في المكان المناسب، فنكهات الشوق تتسارع، وفنجان الندى الصباحي حبره على شفاهها، كل ذلك عندما يتنهد الفجر في قارعة كلماتها. وقد كنت أراقب النتاج الشعري لهذه الشاعرة حتى طلعت علينا بهذه القصيدة فكان الشعر.
التعبير ” هل عندكَ شكٌّ ” هو تعبير جميل جدأً، رغم ركاكته ، فقد استعمله سيد الكلمات نزار قباني في قصيدته الرائعة تحت عنوان : ” هل عندكِ شك؟ ” من باب تفصيح العامية . وجمال هذا التعبير يكمن في الاستفهام الذي يفيد التأكيد، وهو ليس الاستفهام الغير حقيقي أو الإنكاري المعروف . فالمعنى الذي يتبادر الى ذهن القارئ هو أنه يجب أن لا يساورك أي نوع من الشك في
” أنَ المشاعر التي تَرقدُ
بنبضِ الياسَمين
تشتاقكَ
لِما بعدَ السَماء
وعندما يَتنهدُ الفجرُ
في قارعةِ كَلماتي
ترتعشُ مَرايا الذات
صامتة
دونَ حِراك
وتتسارعُ نكهاتُ الشوقِ
لمعانفةِ الحُب
على ضفافِ الحلم ”
هذا الفيض من المشاعر الجياشة، والتعابير البلاغية ، كتنهد الفجر، على قارعة الكلمات، وارتعاش مرايا الذات، كلها تتسارع لتصب في نهر الحب والحلم ، فعندما تقول الشاعرة ” ضفاف الحلم” يبدو لنا الحلم نهرأ، وهذه صورة رائعة تذكرني بالمواكب الجبرانية:
وما السعادةُ في الدنيا سوى شبحٍ يُرجى
فإن صار جسماً ملّه البشرُُ
كالنهر يركضُ نحو السهل مكتدحاً
حتى إذا جاءه يُبطي وينحدرُُ
وهذا الشعر هو شعر البوح المهموس الى المعشوق والى الحبيب، مما يدل على أن الشاعرة تمتلك المصداقية الشعرية فهي تعيش التجربة الشبابية بكل عنفوانها،وأ ريد أن أقول أنها تذكرني بسارة ” قولة محمود عباس العقاد” عندما أجرت معه المذيعة المصرية ليلى رستم مقابلة،وكانت فاتنة الشاشة المصرية في عصرها الذهبي، فقال لها وقد ابيض شعر لحيته : ” ذكّرتِني بسارة ”
وأقول : ألا ليت الشباب يعود يوماً فأبلغه بما فعل المشيب
وأقول إن المصداقية في الشعر شئ هام جداً ، فعلى سبيل المثال الشعر السياسي والوطني إذا لم يكن مدعوماً بتجربة شخصية، فإنه يكون متكلفاً، ومنذ زمن كنا نخاف أن نذكر كلمة فلسطين، أو وطني وما شابه ذلك ، واليوم استهلكت هذه الكلمات.
وتصل الشاعرة في سريالية البوح الى فنجان الندى الصباحي، في قمة تصويرية تبشر بميلاد شاعرة تمتلك ناصية التعبير المجازي البلاغي ، وتصول وتجول في بحر المعاني اللذيذة ذات النكهة الحسية والمعاني العذبة المحتشمة.
ألا زالَ عندكَ شك
أن فنجان النَدى الصَباحي
لا زالَ حبره
على غِلاف شفاهي
يا سَيدي
أنا صاحبةُ هذه الكَلمات
وأنت وَحي حِكايتها!!
أسمح لنفسي أن أهمس ناصحاً الشاعرة بالتروي ومراجعة القصيدة قبل دفعها الى النشر، فربما تعدل في بعض التعابير ، فالذائقة الشعرية لا تهضم القاف في قولها
وأن أبجدية الغُروب
ألتي دققَ نبضاتها القَمر
كانَت بِلا مساحيق
فالقاف من الحروف المفخمة
وكلمة ” دقق” لا يلتقطها طاؤوس الشعر ولا هدهده
وكلمة مساحيق بعيدة عن الجو العام للقصيدة
ولن أتطرق اليوم الى الوزن والعروض فالموسيقى الداخلية تدفئ القصيدة وتبعث فيها احساساً بالثمل والنشوة . وقد جاء تقسيم القصيدة الى مقطوعات موفقاً على غرار الشعر المقطوعي،مما أكسب القصيدة شاعرية وبعداً عن النثرية.
كما أنني رأيت أن الشاعرة تميل الى الانتماء الى الفن للفن والابداع للامتاع، مع التزامها بتأدية دور اجتماعي او وطني ، وليس الاقتصار على الجانب الشخصي الذاتي، إذ يمكن الجمع بين الاثنتين.
هنيئاً للشاعرة هذا العطاء المتواصل ، وهنيئاً لكم أهلنا ميلاد شاعرة تبشر بالثمار اليانعة الجنية.
وأدعو جميع الاساتذة الخوض في هذا الموضوع وتشجيع الحركة الأدبية النامية في المثلث.

الأربعاء، 14 سبتمبر 2011

هَل عندكَ شك!!

هَل عندكَ شك
أنَ المشاعر التي تَرقدُ
بنبضِ الياسَمين
تشتاقكَ
لِما بعدَ السَماء
وعندما يَتنهدُ الفجرُ
في قارعةِ كَلماتي
ترتعشُ مَرايا الذات
صامتة
دونَ حِراك
وتتسارعُ نكهاتُ الشوقِ
لمعانفةِ الحُب
على ضفافِ الحلم
هل عندكَ شك
أنك عنوانُ صفحاتي الاتية
وأنكَ معجزةُ
ولادة حُروفي المُستعصِية
وأن أبجدية الغُروب
ألتي دققَ نبضاتها القَمر
كانَت بِلا مساحيق
ألا زالَ عندكَ شك
أن فنجان النَدى الصَباحي
لا زالَ حبره
على غِلاف شفاهي
يا سَيدي
أنا صاحبةُ هذه الكَلمات
وأنت وَحي حِكايتها!!

السبت، 3 سبتمبر 2011

كلماتٌ مِن شاطئ الهَمس

أن يَبوء المَرء بما يَشعر
لا يَعني أنه يَغرق
أن يستنجدَ بالحُب
لا يعني أبداً
أنه عاشقَ!!
أو يَرتعِشُ غراماً
شاعرَةٌ أنا
كُل من قرأ خطوطَ حياتي
أدركَ أن الحُب جزء مِن ذاتي
مشاعرُ الحب
كأمواجِ الشَوق
حينَ تُلامس رمالِ البَحر الدافئة
تستديرُ بالقلبِ
وتُحركُ كلَ وريد نائِم
كالقَمرِ في رحمِ السماء
ريقُ الحب
كالضَوضاء في نبضِ قلمي
تُعريني من كلِ ماضٍ غَبي
وتَشدني لأشربَ من عينِ البَحر
أملاً
لطالَما ظَننته مريراً
وحباً
لطالَما حُرِمَ حُلمي
مِن لَمس ألوانه!!

(كلماتٌ مِن شاطئ الهَمس)