الأربعاء، 28 ديسمبر 2011

نقد الشاعر أحمد سلامة لديواني

ثمرةُ شهيّة وزهرة نديّة ذلك هو ديوان الشاعرة الواعده معالي رائف مصاروه –شاعرة الوادي وظبيته أبنة قرية عاره وهو إصدارها الاول ، ( خطوات أُنثى ) أسمتهُ ، ومن الاسم يُلاحظُ أنّ الشاعرة تركِّزُ على أُنوثتها ،فهي بها فخورة … أمّا (الخطوات ) فتتساوق مع هذه الأُنوثة … فقصائد الديوان تسيلُ عذوبة ورِقّةوأحاسيس أُنثويّة مرهفة – متأجِّجة ومتَّزِنة في آن، أدواتها في نقل أحاسيسها تراكيب شعريّة جميلة ولغة رومانسية حالمة ومعبِّرة تحلِّقُ في سماوات الخيال البعيدة ولكنّها مع ذلك مرتبطة مع واقع الحياة ، ولها قاموس لغوي وتعابير متميِّزة رسمت بها الشاعرة لها ولقصائدها نهجاً مميَّزاً حتّى أنّ القارئ يستطيع أن يتبيّنَ قصائدها من غيرها ولو كانت بدون إسم ، وهذا بحدِّ ذاته دلالة على الاجادة والتميُّز، أمّا عن مواضيع الديوان فبالإضافة إلى عاطفة الحب الَّتي تتجلّى في الكثير من قصائد الديوان هناك الطموح والأيمان بالنّجاح والنّصر الادبي والإبداع الشعري والتعويل على قيمة الكلمة وفاعليّتها حتّى لكانّ الشاعرة تعيشُ حياتها في عالم الكلمة والإبداع على حِساب حياتها العاديّة –ألًّتي هي من لحمٍ ودم فهي تقولُ في إحدى قصائدها : (إحساسها صار درساً في تاريخ الادب العذري ) ص31 الديوان .
كما ويبرزُ هذا التوجّه أكثر في أوًّل قصاد الديوان حيث تقول الشاعرة : إلى كلِّ رجل ، يتوق إلى إرتشاف خمرة أُنوثتي ، إعلم انني على ذمًًّة كتاباتي
لن أخونً قصائدي العذراء ، أوراقي معي ، لن أُسلِّمها لايّة دائرة ذكورية …
وقد ذكرنا آنفاً أنّ للشاعرة تعابيرها الشِّعرية الّتي تميز قصائدها بشكل خاص فالقارئ كثيراً ما سيصادف تعابير مثل :ريق الفجر ،أزٍِقَّة الحلم ،ندى الفجر رحيق الصّباح ، الوسائد المبللة ،ضفائر الفجر ريق القلب ، ضفائر حرير يّة . ممّا يعطي لكتابات الشاعرة معالي نكهة خاصة ومميًّزة .
وفي الختام أودُّ أن أتطرًّقَ إلى الناحية الشكلية في كتابة قصائد الديوان وإلى ما كتبه الاخ الشاعر مسلم محاميد في تقديمه للديوان ، إنّ الجدل الّذي دار ولا يزال يدور حول أنواع الشعر وتعريفه يظلُّ مدعاة لتعدد الآراء .. ولكن من المؤكد أنّ قصيدة النثر ترسّخت واثبتت جدارتها إلى جانب قصيدة التفعيلة والقصيدة العمودية التقليدية واصبح لها أنصارها وشُعراؤها المشهورون مثل : أدونيس وسعيد عقل ويوسف الخال وغيرهم كثيرون .
وقد حُسم الامر على مستوى العالم العربي وتبوّات قصيدة النثر مكانها إلى جانب الانماط الاخرى واعتُرفً بها كأحد الاساليب المتًّبعة في كتابة الشعر
ولم يَعُد يُقال عنها إنّ هذا ليس شعراً …
وقصائد ديوان معالي هي شعراً وهي مليئة بالشاعرية وبالالفاظ والتعابير السلسة والموسيقية إلاّ أنها تدخل في باب قصيدة النثر لافتقادها للوزن أو لوحدة التفعيلة إلاّ أن هذا لا يُضيرها .

معالي مصاروة تتهادى في خطواتها... نقد الشاعر أحمد كيوان لديواني



تطل علينا من بلدة عارة في المثلث الأشم الشاعرة الواعدة معالي مصاروة كشجرة وارفة الظلال في دوحة الشعر العربي من خلال ديوانها الأول "خطوات أنثى" مرددة بصوت جهوري واثق:
لم العجب
قصيدتي الآن قادمة من لغة الأنوثة
...
من الإحساس العميق
قادمة من الرياح الدافئة
من الأقلام المنتحرة على شفة الغلاف

والحقيقة إنني عندما تصفحت الديوان, وقرأته على عجل رأيتني اشتم في شعرها عطرا خاصا مضخما بالشذا الطيب, والأريج الفواح, لأنه يضفي بالرقة, والعذوبة, والسلاسة التي تمنح القارئ متعة ما بعدها متعة, فالكلمات تنساب رقراقة كأنها خرير ماء جاء من جدول فيه لذة للشاربين, ولا ادري لماذا تذكرت ديوان الشاعرة الكويتية المبدعة سعاد الصباح "في البدء كانت الأنثى" فربما هناك قواسم مشتركة بين الشاعرتين, أو قل توارد خواطر أهم ميزاتها الجرأة في التفكير, والتعبير, مما حدا بالكاتب والناقد العربي الكبير عبد القادر لؤلؤة أن يكتب في مجلة "الأزمنة" ذات يوم معلقا على ديوان سعاد الصباح: "تذكرني سعاد الصباح برقة شعرها, وصدق عاطفتها, وصراحة عبارتها بأول شاعرة وأهمها في تاريخ الحضارة الأوروبية وهي الشاعرة الإغريقية سافو".
فإذا كان عبد القادر لؤلؤة منصفا لسعاد الصباح, فانه من باب الإنصاف أيضا استطيع أقول أن معالي مصاروة برقة شعرها, وصدق عاطفتها, وصراحة عبارتها, وجرأة كتابتها, ومن خلال قاموسها الشعري الخاص بها, والموسيقى الندية والشجية التي تنصخ بها كل كلمة من كلماتها, نستطيع أن نرصد شاعرة واعدة, ومبدعة لها مستقبل زاهر, فالذي نلمسه من خلال حروفها المتلألئة أن هناك مخايل لا بد لها من الاكتمال لتصبح مشرقة بظهورها, وهّاجة بنسائها, رائعة في أدائها, فالشاعرة معالي ذات نفس شعري لا مجال لنسيانه, وصاحبة موهبة كبيرة لا مجال لتجاهلها, وعندها من الآمال الكبيرة التي يمكن أن تحققها في القادم من الأيام ما دامت صادقة مع النفس كما تجلّت, وواثقة بالنفس كما هو بارز في قصيدتها كلماتي:
كلما كتبت أكثر
كبرت آفاق مسافاتي
وكلما أتقنت الكتابة
عشقتها قصائدي التي
تكتب الحب في دفاتر الأيام
وتعانق العشق على شواطئ الأرض
لتكون أكثر اقترابا
ممن يسكن أحرفي
ومن يلبس حرير الشعر

والشاعرة معالي تقول لنا بصدق, وعفوية في نفس الوقت الذي ترسم بكلماتها تاجا على الشمس:
كلمات ترسم على الشمس تاجا
تعبث على الجسر الفاصل
بين الماضي والحاضر
كلمات تنام على أكتاف العشق
تحضر في الأرض قصائد
حتى تفوح رائحة ندية
كلمات اظلّل بها عين فجري
أضمها إلى صدر نهاري
واكتبها عنوانا في دفتر المساء

فتحية للشاعرة التي تطل علينا كما لو أنها بلبل يصدح فوق أيك الخمائل, أو عصفورة غريدة على شجرة باسقة تتمازج أغاريدها مع نسائم الصبح الندّية التي تأبى الاّ أن تكسر صمت نهار جديد.

حضرة القاضي

حَضرةَ القاضي
على أرضِ قصيدتي
قضيةُ إنتحار عاشقٍ
لوطنٍ تحنّى بدمٍ ساخنْ
حكايةُ خلودٍ ورِثَها عنْ أجدادِهِ
حكايةُ زيتونٍ أذبلتْهُ الحروبْ
وتعكَّر برائحةِ الغرباءْ
ترابُهُ بنكهةٍ تسافرُ
إلى القدسِ
إلى دمشقَ
وإلى أختِها تونسْ
تائهٌ
لا يعرفُ السبيلَ لمدينةِ الهدوءْ
اااهٍ من وجعِ المسافاتْ
من دمعِ أمّي
منْ عرقِ أَخي
وألفُ اهٍ منْ طغاةْ
رسموا قبوراً على اجسادِنا
عائلتي جائعةٌ هنا
حيثُ الأواني فارغة
مثل إتفاقياتهم
وكسرةُ الخبزِ ناشفةٌ
مثل ضمائرِهم
وكوبُ الشاي باردٌ
مثل قلوبهمْ
سرقوا أَمسي
هدموا ليلي
إغتالوا حُلُمي
فأمطرَ حزني
ألماً ومراراً
ليتني قمحٌ ببابِ قصيدةٍ فلاحة
تسقي الوطن من الشوقِ لحناً
ليتَ قلمي بماءِ الشِعر يفوح
ليلتقي بشرفاءِ الأرضِ
لكنَّهم
خطفوا فمي
قتلوا حنيني
نهبوا أملي
وتشردَ القلبُ وانصهر
أنا الوطنُ الغريبُ لا يد تساندني
ولا قلبٌ يواسي الجرحَ في شراييني
لا دولٌ تهبُ بصوتٍ جهورٍ
ولا عزيمةُ أممٍ تكسرُ الصخور
أنا قبيلةُ ثوارٍ بكامِلِها
خيطانُ عباءتي شرفٌ
وأزرارُها عروبةٌ
طوقَتها فلسطينْ
فلسطينْ
ملأوها أحلامًا زائفهْ
وأطعموها سخافةَ الخُطب
سيدي القاضي
أنا جربتُ الكيَّ
كيفَ أنسى وجعي
وأنا ذقتُ السمَّ
كيفَ أغيِّرُ مذاقَ دربِ قلمي
غضبي طالتْ أظافرُهُ
لا تلمني
حروفي دونَ غضبْ
لا أحسِبها قصيدةَ وطنْ

الأربعاء، 7 ديسمبر 2011

تَمرد أنثى

على حافةِ القمرِ الازرق
تمردت أنوثة حُروفي
بَدت شاحبةُ الملامح
...
أدركتُ..
أنَ وُصولها وهم
ودربُ اللقاءِ طويلُ
رسالتها قضية
ليست مهزومة
ليست معهودة
ليست البشر المُعلقِ بينَ السماء والأرض
وهيَ ليست الأخيرة
تُثيرها شهوةُ الغيبِ
تهوى العَبث بأنسجةِ الغموض
تخرجُ من صدى الواقع
راجيةً لقاءَ الهوى
لإحترافِ الاحلام
بلا موعدٍ
بلا تاريخٍ
بلا ساعة… دقائقها عَدم
مُفتاحُ ذاتها
معلقٌ على ظلِ الشتاء
حيثُ لا ظل هناك
تاريخُ قلبها
مدونٌ بجذور الصمت
المحرومِ من لونِ التراب
غريبةُ
وتحبُ غربتها
حينَ تصبح حياتها
نرجسية البشرة
بنفسجية الحَد
وورديةُ الكلمات